« أدرينالين» قصة قصيرة للكاتبة آيار عبد الكريم

قصة قصيرة للكاتبة  آيار عبد الكريم
قصة قصيرة للكاتبة  آيار عبد الكريم

على شاطئ البحر، يجلس على مظلته وحيداً، ينظر إلى لون البحر الأزرق الهادئ وهو يداعب قرص الشمس، ينعكس لون أشعتها الصفراء على أمواجه الثائرة، فتكسبها رونقاً وسحراً أسطوريّاً؛ يهدئ من ثورة أمواجه وعنفوانها المستمر.

حوله أطفال صغار، يصنعون بيوتاً من الرمال وكأنهم يُعلّقون عليها حبال أحلامهم المستقبلية، يملؤونها بالمياه؛ سر الحياة ثم يقومون بردمها مرة أخرى وتتكرر تلك العملية عدة مرات.

ينظر إلى أياديهم الصغيرة وهي تصنع تلك البيوت بعفوية وتلقائية مرحلة طفولتهم؛ وكأن أياديهم تُشكّل عجينةً طريّةً طوع ميولهم وطباعهم الشخصية.

أخذ ينخر بقدمه اليمنى ذرات الرمال الصفراء في عصبيّة هائجة؛ فتارة تطير في الهواء، وتارة تسقط على وجوه هؤلاء الصغار. لا يُوقّفه إلا ذلك الصوت القادم من خلفه:

مش تاخد بالك يا أستاذ، الرمل بيدخل في عين العيال.

يشعر بالخجل والإحراج، وبقدمه الأخرى أخذ ينخر في الرمل ولكن بهدوءٍ تام دون أدنى خسائر، يحاول أن يهدئ عصبيته الغاشمة المفرطة.

حاول صنع ولو حفرة بسيطة وملأها بالمياه مثل هؤلاء الصغار؛ لكن دون جدوى.

انتفض من مكانه على عجل؛ أخذ يسير على شاطئ البحر حتى وصل إلى صخرة، جلس عليها، وأخذ يتنفس بهدوء كي يهدئ من روعه ونفسه الحائرة التائهة. يبكي حزيناً:

مفيش مفر، مفيش فايدة، لازم المهدئ.

وعندما أخرج القرص من جيبه ليتناوله، تردد مرة أخرى لترافقه في هذه اللحظة، أصوات صفارات الإنذار لإخلاء الشاطئ من المصطفين.